كشف فتحي الخلفاوي، مدير الاستخلاص بالشركة التونسية للكهرباء والغاز (الستاغ)، أن الإجراء الذي اعتمدته الشركة منذ شهر فيفري 2025 والمتعلق بجدولة ديون حرفائها، بدأ يُظهر نتائج أولية إيجابية، حيث تم تسجيل "انتعاش نسبي في المداخيل"، وفق تعبيره. وأكد الخلفاوي أن التقييم النهائي لهذا البرنامج سيتم إجراؤه في غضون أسبوع لتحديد مدى نجاعته بدقة.
وكانت الستاغ قد أطلقت في فيفري الماضي خطة لجدولة ديون حوالي مليوني حريف من الحرفاء المنزليين، وهي ديون تُقدّر بنحو 700 مليون دينار. وقد جاءت هذه المبادرة في إطار محاولة لتخفيف العبء المالي عن المواطنين وتمكينهم من تسوية وضعياتهم بطريقة مرنة تتماشى مع قدراتهم الاقتصادية، خاصة في ظل الظرف الاقتصادي الدقيق الذي تمر به البلاد.
وتم لاحقًا توسيع هذا الإجراء ليشمل أيضًا فئات أخرى مثل الشركات الصغرى والجمعيات المائية التي تلعب دورًا محوريًا في توزيع المياه في الوسطين الريفي والحضري. كما تم إدماج الفلاحين ضمن هذه الخطة، خاصة أولئك المتمتعين بتسعيرة الري الفلاحي، والبالغ عددهم حوالي 75 ألف حريف، حيث تفوق ديون هذه الفئة وحدها 150 مليون دينار.
وأشار الخلفاوي إلى أن إجمالي الديون المتراكمة على الحرفاء قد بلغ مستوى مرتفعًا جدًا، يناهز 3800 مليون دينار، وهو رقم لا يشمل الديون التي تمّت جدولتها. وتوزعت هذه الديون على القطاعين العام والخاص، حيث بلغت ديون القطاع الخاص نحو 1800 مليون دينار، فيما تصل ديون القطاع العام إلى حوالي 1900 مليون دينار، ما يشكل ضغطًا كبيرًا على ميزانية الشركة ويهدد توازنها المالي.
وتمثل هذه الأرقام مؤشرًا واضحًا على حجم التحديات التي تواجهها الستاغ في تحصيل مستحقاتها، مما دفعها إلى اعتماد إجراءات استثنائية كجدولة الديون وتقديم تسهيلات غير مسبوقة للحرفاء بهدف تقليص نسبة الديون المتعثرة وضمان استمرارية خدماتها الحيوية.
وأكد الخلفاوي أن الشركة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى استعادة جزء من مستحقاتها المالية دون اللجوء إلى القطع الفوري للتزويد بالطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي، وهو ما يُعتبر توجهًا اجتماعيًا بالأساس يأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين، خاصة مع الارتفاع العام في كلفة المعيشة وتزايد الأعباء على الفئات الضعيفة والمتوسطة.
كما شدد على أهمية وعي المواطن بأهمية تسوية ديونه، مشيرًا إلى أن الستاغ توفّر حاليًا خططًا مرنة ومتعددة للجدولة تتراوح بين 6 أشهر و5 سنوات حسب قيمة الدين والقدرة المالية للحريف.
ومن المنتظر أن تُصدر الشركة تقريرًا نهائيًا خلال الأيام المقبلة لتقييم نتائج هذا البرنامج من حيث حجم المبالغ التي تم تحصيلها وعدد الحرفاء الذين استجابوا لعملية الجدولة، ومدى تأثير ذلك على تحسين التوازن المالي للمؤسسة.
وتبقى هذه المبادرة خطوة هامة نحو إعادة هيكلة العلاقة بين الشركة وحرفائها على أساس من المرونة والثقة، بما يُعزز من دور الستاغ كمرفق عمومي حيوي ويُمكنها من مواصلة أداء مهامها في تأمين الكهرباء والغاز للتونسيين دون اضطرابات.