اهتزّت مدينة سوسة في ساعة مبكرة من فجر اليوم السبت على وقع جريمة قتل بشعة ذهب ضحيتها مهاجر من إفريقيا جنوب الصحراء، بعد تعرّضه إلى طعنات قاتلة خلال شجار اندلع في منطقة حي العوينة. الحادثة خلفت صدمة في أوساط المتساكنين خاصة مع تكرار حوادث العنف في الفترة الأخيرة، وهو ما دفع بالسلطات القضائية والأمنية إلى التحرّك السريع.
وحسب ما أفادت به مصادر مطلعة، فقد تنقّل ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية سوسة 1 مرفوقا بقاضي التحقيق على عين المكان لمعاينة مسرح الجريمة وجمع المعطيات الأولية، قبل أن يأذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات الواقعة. وقد تمّت مباشرة الأبحاث بإشراف فرقة الشرطة العدلية بسوسة المدينة، وذلك بموجب إنابة قضائية هدفها الكشف عن جميع التفاصيل المحيطة بالجريمة والوقوف على حقيقة ما حصل.
وتشير التحريات الأولية إلى أن خلافا نشب بين الضحية ومجموعة من المهاجرين الآخرين المقيمين بالمنطقة نفسها. الخلاف تطور بسرعة من تبادل كلامي إلى شجار بالأيدي، قبل أن يستعمل أحد الأطراف أداة حادة وجّه بها طعنة قاتلة إلى الضحية. ورغم محاولة بعض الحاضرين إسعافه ونقله إلى المستشفى الجامعي سهلول، إلا أنه فارق الحياة متأثرا بجروحه البليغة.
الجريمة أثارت حالة من الاستنفار في صفوف الوحدات الأمنية التي كثّفت حضورها بالحيّ المذكور، في محاولة للسيطرة على الوضع ومنع أي توتر جديد بين المهاجرين أو مع الأهالي. كما باشرت وحدات الشرطة عمليات تمشيط واسعة للقبض على المشتبه بهم والتحقيق معهم قصد تحديد هوية الجاني الرئيسي وكافة المتورطين في الشجار.
من جهتها، أكدت النيابة العمومية أن الأبحاث ستشمل جميع الأطراف التي يثبت تورطها في الجريمة، مع تتبّع كل من شارك أو ساهم في الاعتداء بالعقوبة القانونية. كما تم التشديد على أن الملف سيأخذ مساره القضائي بكل جدية، خاصة وأن الحادثة تتعلق بجريمة قتل عمد.
ويُذكر أن مدينة سوسة، على غرار عدد من المناطق التونسية الأخرى، تستقطب عددا كبيرا من المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء سواء العابرين نحو السواحل الشمالية في اتجاه أوروبا أو المقيمين للعمل. هذا الوضع كثيرًا ما يخلق توترات ومشاكل اجتماعية في الأحياء الشعبية نتيجة ظروف العيش الصعبة، ما يستوجب معالجة شاملة تضمن الأمن وتحفظ حقوق الجميع.
وتبقى التحقيقات جارية حاليا في انتظار نتائج البحث الأمني والقضائي التي ستكشف الملابسات النهائية للحادثة وهوية الفاعلين، في وقت يترقب فيه الرأي العام تفاصيل إضافية حول هذه الجريمة التي هزّت المدينة.