كشف المختص في علوم المناخ والطقس حمدي حشاد مساء اليوم السبت 23 أوت 2025 أنّ ولاية سيدي بوزيد عاشت على وقع ظاهرة جوية نادرة الحدوث تُعرف علمياً باسم "ضوونبورست" (Downburst)، وهو ما أسفر عن أضرار مادية جسيمة شملت انهيار جدار مصنع قديم على سيارات كانت متوقفة بجانبه.
وأوضح حشاد أنّ الظروف الجوية التي سبقت العاصفة كانت استثنائية، حيث سُجلت درجات حرارة مرتفعة وصلت إلى حوالي 34 درجة مئوية، تزامناً مع رطوبة معتدلة ورياح سطحية خفيفة. ورغم أن هذه المعطيات بدت عادية في ظاهرها، فإن مرور سحب رعدية محلية مكّن من تشكل تيار هوائي بارد نازل بشكل مفاجئ نحو سطح الأرض. هذا الهبوط العنيف للهواء تسبب في ما يشبه "انفجار رياح" من نقطة واحدة، لتتوزع على مساحة محدودة وتحدث خسائر كبيرة في ظرف وجيز.
وبيّن حشاد أنّ هذه الظاهرة تُعرف أكثر في الأوساط العلمية باسم الرياح الهابطة المدمرة، وهي شبيهة بما يحدث عندما تسقط قطرات المطر أو بخار الماء من الغيوم إلى طبقات هواء جافة، فيتبخر بسرعة ويؤدي إلى تسارع الهواء البارد نحو الأرض. عند اصطدام هذا الهواء بالسطح، ينتشر أفقياً بسرعة كبيرة محدثاً رياحاً قوية قد تتجاوز في بعض الحالات سرعة 100 كلم/س، لكنها تبقى محصورة في نطاق جغرافي ضيق نسبياً.
وأضاف الخبير أنّ مثل هذه الظواهر تكثر عادةً في فصل الصيف، خاصةً في المناطق الداخلية التي تشهد تبايناً بين درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة المعتدلة، وقد تم تسجيلها في مناسبات سابقة بعدة مدن تونسية على غرار توزر ونفطة والحمامات ونابل وسوسة، مخلّفة أحياناً أضراراً مادية مماثلة لما وقع في سيدي بوزيد.
الصور التي تم تداولها مساء اليوم وثّقت جانباً من هذه الخسائر، أبرزها انهيار جدار مصنع طماطم مهجور، ما أدى إلى تضرر سيارات رابضة بجانبه. كما أظهرت مقاطع فيديو تداولها نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي شدّة الرياح الهابطة وما تسببت فيه من تطاير للغبار والأجسام الخفيفة.
وتُعتبر هذه الحادثة بمثابة إنذار إضافي حول خطورة الظواهر المناخية المفاجئة، وأهمية تطوير استراتيجيات الإنذار المبكر والتوعية الشعبية بخصوصها. فالرياح الهابطة المدمرة، وإن لم تكن واسعة الانتشار مثل العواصف المدارية، فإنها قادرة في دقائق معدودة على التسبب في أضرار مادية جسيمة، وهو ما يستدعي التعامل معها بجدية أكبر على مستوى التخطيط الحضري وحماية الممتلكات.